Tuesday 10 May 2016

السيارة بدون مفتاح.. عرضة للاختراق والسرقة في 3 دقائق




السيارة بدون مفتاح.. عرضة للاختراق والسرقة في 3 دقائق


ثلاث دقائق على الأكثر هو ما يحتاجه لصوص السيارات في المستقبل للظفر بسيارة فارهة تعتمد على نظام رقمي في تأمينها وإدارة محركاتها، وهي الدقائق نفسها التي استغرقها بالفعل لصوص بريطانيون أذكياء نهاية مارس الماضي لسرقة سيارة BMW من أمام منزل مالكها في لندن، دون أن يحدثوا بها أية خدوش أو كسر، بينما ظلت كاميرا المراقبة ترصد عملية السرقة كاملة.


والمشكلة بكل تأكيد ليست في طراز السيارة، فهو الحال لكثير من أنظمة الحماية الرقمية بالسيارات التي تعمل بدون مفتاح أو ما يسمى بـ"كي ليس" keyless وفقا للدراسة العملية التي أعدها الباحثون في المعهد الفيدرالي للتكنولوجيا بزيورخ في سويسرا، حيث خلصت دراسة معهد وهو أحد أبرز مؤسسات سويسرا العلمية إلى إمكانية التغلب بسهولة شديدة على أنظمة الحماية والتحكم في السيارات التي تعمل بدون مفتاح، وذكرت الدراسة –التي نشرها موقع "تكنولوجي ريفيو" التابع لمعهد "ماساتشوشتيس" MIT الأمريكي الشهير- أن تجربتهم أسفرت عن تمكنهم من كسر الحماية لنحو 10 موديلات لـ8 سيارات من ماركات مختلفة، هذه النسبة فقط التي استُخدم فيها أسلوب سهل في كسر التشفير واختراق برامجها الرقمية، وهو استخدام "هوائي" لتقوية الإشارة بين ريموت السيارة وكمبيوتر التحكم الخاص بها، بينما يظل في الإمكان اختراق جميع أنظمة الحماية الموجودة حاليا إلى حد كبير.


الكاتبة "ليان يوفوكوف" المتخصصة في تقنية السيارات، أشارت في مقال لها على شبكة CNET الأمريكية، إلى مدى خطورة الاعتماد على أنظمة التأمين في السيارات التي تعمل بدون مفتاح، وقالت إنه يظل من الضروري الاعتماد على المفاتيح التقليدية في تأمين السيارة حتى يتم التغلب على مشاكل الاختراق، وتشرح الكاتبة فكرة التجربة التي أجراها المتخصصون في زيورخ، وتتمثل في استخدام "هوائي" Antina لتقوية الإشارة، نظرا لكون غالبية أنظمة الحماية بالسيارات الـ"كي ليس" تعتمد على أسلوب معين، فبمجرد اقتراب مستخدم السيارة ومعه الكارت الرقمي الخاص بها أو الريموت، تفتح السيارة أبوابها أتوماتيكيا، بينما يمكن التحكم كذلك في تشغيل المحرك أو إيقافه عن بعد، بشرط ألا تتعدى المسافة بين السيارة والكارت الرقمي 20 قدما عادة، بينما في بعض السيارات تكون المسافة أقل من ذلك لزيادة التأمين، وهو الأمر الذي يعد ضروريا في كثير من بلدان أوروبا، حيث يتسنى لمستخدم السيارة تجهيزها وتدفئتها قبل استقلالها، ولهذا لجأ الخبراء في حيلة الاختراق إلى فكرة الهوائي، حيث يستقبل الهوائي الإشارة من الكارت الرقمي ويعمل بعد ذلك على تقويتها لتصل إلى المستشعر (السينسور) الخاص بالسيارة، ولهذا نجحت الحيلة الرقمية هذه مع غالبية الموديلات التي خضعت للتجربة، بينما تظل الأنظمة الأخرى أيضا عرضة للاختراق من قبل قراصنة الكمبيوتر "الهاكرز"، وتقول الكاتبة إنه بإمكان اللص أن يقترب منك مثلا وأنت تجلس في مطعم لتناول العشاء بينما تقف سيارتك في الخارج، وما عليه إلا أن يترك الهوائي بالقرب منك الذي يعمل في غضون ثوان، بعدها تكون السيارة متاحة للاستيلاء عليها من دون أن يثير الاشتباه، ودون الإضرار على الإطلاق.


"يوفوكوف" لم تقف على هذه الدراسة، حيث ألحقت بمقالها المنشور على مدونة السيارات بشبكة CNET روابط لدراسات أخرى أجريت بجامعات أمريكية تشير إلى "هشاشة" نظم الـ"كي ليس"، وقالت الكاتبة إن المخاطر هذه تزداد كلما زاد التوسع في إنتاج السيارات التي تعتمد بشكل كامل على نظم الحوسبة، سواء في المحركات أو أجهزة التعليق أو مختلف الأنظمة الموجودة بالسيارة، مضيفة أن أنظمة السيارات التي تسيطر عليها "تطبيقات الهاتف المحمول" هي أكثر عرضة للاختراق والسرقة، وقبل بضعة أشهر، أظهر الباحثون بجامعة كارولينا الجنوبية وجامعة "روتجرز" سهولة اختراق أنظمة السيارة الرقمية عبر ثغرة قد لا تخطر على صانعي السيارات، وذلك عبر خاصية قياس ضغط الإطارات رقميا، حيث يمكن للمخترقين تخطي التشفير الرقمي لنظام السيارة عبر شاشة هذا النظام، بل وقراءة معلومات مستشعرات الإطارات وربما التأثير على معدلاتها أيضا، في حين أن باحثين من جامعة واشنطن أظهروا كيفية سرقة السيارات باستخدام أجهزة الكمبيوتر المحمولة، وسلطت "يوفوكوف" في مقالها الضوء على حاجة المصنعين وشركات صناعة السيارات لإضافة المزيد من الاحتياطات الأمنية على أنظمة السيارات، إضافة إلى ضرورة تطوير تكنولوجيا الاتصالات اللاسلكية بتلك المركبات، وشددت الكاتبة على أن نقاط الضعف هذه يجب أن يضعها الصناع في الاعتبار قبل أن يخطوا خطوات جديدة في تحديث أنظمة الترفيه في السيارة.


ولا تتمثل مخاطر أنظمة "كي ليس" في سرقة السيارة والعبث بمحتوياتها فقط، بل قد تتعلق بنظم الأمان وتأثيرها على سلامة راكبي السيارة، ويشير موقع Tenn And Tenn الإلكتروني إلى أن أنظمة "كي ليس" بشعبية على نحو متزايد، خاصة في المناخات الباردة حيث القدرة على بدء تشغيل السيارة من الداخل بكبسة زر واحدة لجعل المحرك أكثر راحة، وأيضا لتجهيز السيارة وتدفئتها قبل الانطلاق بها، ومع ذلك قد يؤدي أي خلل بالسيارة إلى وقوع الحوادث والوفيات، وهو الأمر الذي دفع كثيرين من النشطاء في مجال السلامة للنظر في قواعد جديدة لأنظمة التشغيل بدون مفتاح السيارة.


وليست أنظمة "كي ليس" وحدها هي المعرضة للمخاطر، حيث يشير "هاك أداي" – وهو موقع لمجلة متخصصة في أخبار وشروحات الاختراق والقرصنة الرقمية - إلى أن كل السيارات التي تضم أنظمة تشخيص إلكتروني للأعطال عرضة للاختراق والعبث بمكوناتها من قِبل القراصنة، الموقع أشار إلى كذلك إلى أن نظام التشخيص هذا On-Board Diagnostic (ODB) يتيح إعادة برمجة لمفتاح الأبواب ومفتاح تشغيل السيارة، وهي وظيفة مهمة ومفيدة في حالة فقدان المفتاح الأساسي أو حدوث عطل بجهاز التشغيل (الكونتاكت) بالسيارة، لكنه في الوقت نفسه يعد بمثابة ثغرة للقراصنة الرقميين للعبث بنظام السيارة وتعريضها لخطر السرقة أو المراقبة وخلافه.


ومن خلال تقرير مزود بمقاطع الفيديو، أظهر الموقع كيفية قيام المخترقين بتخطي التشفير الخاص بنظام السيارة، وينشر الموقع يوميا الحيل الرقمية للمخترقين، ليس في أنظمة السيارات وحدها، بل في مختلف الأنظمة الرقمية سواء في أجهزة الكمبيوتر أو الهاتف الذكي، أو حتى في الأنظمة الرقمية الخاصة بالمنشآت وغيرها، وبهدف إلى زيادة الوعي حول مخاطر الأنظمة الرقمية ككل.